DesertsWalker

01/03/2021: من محاميد الغزلان إلى واد العطش

بدأت تحضيرات الرحلة بمنزل الصديق سي الحسين أزمامار وعائلته بمحاميد الغزلان، انضم إلينا سي موحى، البدوي القادم من بلدة تاغونيت الذي رافقني في هذا العبور. هيّأنا كل ما يلزم للطريق: الطعام، الماء، والمؤن، وحُمّلت بعناية على ظهور الإبل. ومن خلال معرفة سي موحى العميقة بالصحراء لكوپنه من سكانها. بدأنا الخطوات الأولى في درب طويل نحو فم زڭيد، 130 كيلومترًا من الرمال والصمت والاكتشاف بانتظارنا. في هذا اليوم الأول، قطعنا 20 كيلومترًا من محاميد الغزلان إلى واد العطش مرورًا بلبور، مع توقف دام ساعة ونصف لإعداد وجبة الغداء المكونة من طاجين والشاي.

02/03/2021: من واد العطش إلى عرڭ الغول

بعد ليلة هادئة تحت النجوم، استيقظنا في السابعة صباحًا وأعددنا فطورنا: خبز، جبن، مربى التمر، وشاي مع قليل من الزيت. ثم واصلنا السير، قاطعين 25 كيلومترًا نحو عرڭ الغول، إحدى أعلى الكثبان في سلسلة كثبان عرڭ شڭاڭة. سُمّي بهذا الاسم بسبب الصوت الغريب الذي يصدره هبوب الرياح مع الرمل, كأنه زئير غول في غابة. وعلى طول الطريق، حاولنا جمع كل النفايات التي صادفناها، باستعمال عصا لجمع النفايات اشتريته بـ25 درهمًا (~2.5 دولار).

03/03/2021: من عرق الغول إلى بحيرة إريقي

غادرنا عرڭ الغول في وقت مبكر من الصباح، مستعدين للمرحلة التالية من رحلتنا. قطعنا اليوم 25 كيلومترًا، معظم الطريق بمحاذاة بحيرة إريقي، بمنطقة تسمى ڭيرت لملس. كان المشهد مدهشً. كانت البحيرة الجافة تمتد إلى الأفق كطيفٍ نسيه الزمن، ترقد بين كثبان الرمال وكأنها سرّ دفين في قلب الصحراء. سكونها لم يكن مجرد هدوء، بل صمتٌ عميق يهمس بأسرار قديمة لا يسمعها إلا من عبر هذا المكان. لم يكن من السهل تصديق أن هذا الامتداد القاحل كان يومًا ما بحيرةً حقيقية تنبض بالحياة، تعج بالماء والطيور المهاجرة و الحيوانات. أما لآن، لم يتبقَّ منها سوى هذا الصمت العميق. كل خطوة فوق الرمال كانت تترك أثرًا خفيفًا سرعان ما يبتلعه الفراغ، وكأن الصحراء ترفض أن تُحتفظ بذكرى من مروا بها. في هذا الفراغ اللامتناهي، اختلط الجمال بالرهبة، والشعور بالانعزال بالدهشة، لتصبح هذه المرحلة من الرحلة أقرب إلى حلمٍ غامض منها إلى واقعٍ نعيشه

 

04/03/2021: من بحيرة إريقي إلى لمدوار الصغير

استيقظنا في واد إساسي، مستعدين لمواصلة الرحلة. مشينا اليوم من بحيرة إريقي إلى المدور الصغير، عبر تضاريس صخرية قاسية. كان الطريق شاقًا، مليئًا بالصخور والمسارات غير المستوية، وكل خطوة كانت تذكّرنا بتنوع الصحراء، من كثبانها الرملية الناعمة إلى صخورها الوعرة والصلبة. لكن مع اقترابنا من المدور الصغير، بدأ الغروب يرسم لوحته الأخيرة على الأفق، وانسكبت أشعة الشمس الذهبية فوق الصخور، فأضفت على المكان سحرًا هادئًا أنسانا كل تعب الطريق. جلسنا هناك، نحتسي الشاي الساخن، وصوت الغيتار ينساب في الهواء كهمسةٍ خفيفة، فتبدد الإرهاق وحلّ محله شعورٌ بالسكينة والامتنان.

05/03/2021: من لمدوار الصغير إلى فم زڭيد

استيقظنا مع شروق الشمس على لمدوار الصغير، واحدة من أكثر المشاهد التي أحبها في صحراء المغرب. المشاهد الصخرية تثير دائمًا إعجابي بعظمة الله, تحفة فنية صامدة عبر الزمن. بعد ترتيب أمتعتنا، انطلقنا نحو فم زڭيد، مدينة تقع بين جبلين. بدل أن نكمل رحلتنا وندخلها ، قررنا قضاء ليلتنا الأخيرة على أطرافها. حضرنا مكان المبيت بالقرب من بعض البدو، أقارب سي موحى، مستمتعين بهدوء مساء الصحراء بينما كانت رحلتنا تقترب من نهايتها.